Abstract:
لقد أصبحت الحاجة إلى تطوير وتأهيل الموارد البشرية في عصرنا الحاضر أكثرإلحاحا من ذي قبل نظرا للتحولات والتغييرات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات في شتي مجالات الحياة، ولاشك أن مواكبة هذه التطورات السريعة لن يتأتى إلا بتكوين مستمر وفعال، عبر جعله عملية مستمرة ومنتظمة ومخطط لها، تهدف إلى إحداث تغيرا (...)
لقد أصبحت الحاجة إلى تطوير وتأهيل الموارد البشرية في عصرنا الحاضر أكثرإلحاحا من ذي قبل نظرا للتحولات والتغييرات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات في شتي مجالات الحياة، ولاشك أن مواكبة هذه التطورات السريعة لن يتأتى إلا بتكوين مستمر وفعال، عبر جعله عملية مستمرة ومنتظمة ومخطط لها، تهدف إلى إحداث تغيرات في معارف ومهارات واتجاهات وكفايات الأفراد وفق احتياجاتهم الحالية والمستقبلية للأدوار والوظائف التي يقومون بها، لأنه مهما اجتهد المسؤولون في اختيار وانتقاء الأفراد وفق معايير دقيقة، فإنه تبقى الحاجة ماسة لرفع كفايتهم العلمية والمهارية، وإكسابهم مهارات ومعلومات جديدة تساهم في زيادة قدراتهم على أدائهم لمهامهم الوظيفية، زيادة على ذلك فإن العلاقة المستمرة ذات التأثير المتبادل بين الفرد والعمل إذا تركت دون تجديد فقد يترتب عنها تقادم معلومات الفرد وعدم صلاحيتها، فتجمد تبعا لذلك خبراته ومهاراته عند حد معين، وربما تتقلص وتنكمش وتعجز عن مواجهة ما يستجد من تطورات.
وإذا كان التكوين المستمر والفعال للمدرسين وسائر الأطر التربوية والإدارية بمثابة الأرضية الحقيقية التي تتبلور عليها خرائط صنع القرار التربوي الذي نعيشه جميعا نؤثر فيه ونتأثر به في اتجاه المستقبل المليء بالتحديات، فإن المشرع المغربي ومعه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وسائر المهتمين بقطاع التعليم أولوه عناية فائقة من حيث النصوص التشريعية والمذكرات الوزارية والأطر المرجعية المحددة لمهنة التدريس، بحيث أضحى التكوين المستمر يطرح ضمن أولويات استكمال الإصلاح التربوي لأجل ضمان جودة أداء جميع الفاعلين التربويين والإداريين على حد سواء، خصوصا في ظل التحولات والمستجدات التي تعرفها منظومة التربية والتكوين على مستوى الهيكلة والبرامج وطرق التدريس والوسائل التعليمية...
لكن الإشكالية المطروحة تتجلى فيما مدى استيعاب واحترام الوزارة الوصية على القطاع لهذه الترسانة التشريعية المنظمة للتكوين المستمر، وبالتالي تنزيلها تنزيلا سليما للرفع من جودة التكوين في ظل الإكراهات العملية والميدانية التي يعاني منها القطاع؟ وكيف يمكن الرقي بآليات التكوين المستمر لكسب رهان الإصلاح المنشود لمنظومتنا التربوية؟ هذا ما سأحاول ملامسته ومقاربته من خلال هذا الجهد المتواضع وذلك وفق المبحثين التاليين.
(Read More)